حَسْبُ الواحِدِ مِنَّا والواحِدَةِ أنْ يَـتَـفَـقَّـدَ أخبارَ أيِّ بَـلَـدٍ مِنْ بُلْدانِ المَشْرِقِ والمَغْرِب، أو أيِّ بُـقْـعَةٍ مِنْ بِقاعِهِما، سِيَّانَ في وَسائِلِ الإعْلامِ التَّـقْـليدِيَّة أو على مِنَصَّاتِ التَّواصُلِ الاجْـتِماعي، لـيَـقِـفَ بـنَـفْـسِه، على ما لـ«السِّجْن»، في شُؤونِهِ وشُجونِه، مِنْ حُضور. وحَسْبُ الواحِدِ مِنَّا والواحِدَةِ أنْ يَـتَـفَـقَّدَ تاريخَ أَيِّ بَلَدٍ مِنْ بُلْدانِ المَشْرِقِ والمَغْرِب في خطوطِهِ العَريضة، أو أيِّ بُـقْـعَةٍ مِنْ بِقاعِ المَشْرِقِ والمَغْرِب في خُطوطِها العَريضَة، سِـيَّانَ تاريخَها البَعيدَ أوِ القَريب، لـيَـقِـفَ بـنَـفْـسِهِ، على ما لـ«السِّجْنِ» مِنْ مَحَلِّ صَدارَةٍ سواءٌ في صِناعَةِ هذا التَّاريخِ أو في تَعْويقِ مَسارِهِ ومَسيرَتِه.
مَعَ نُـشوبِ ثَـوْراتِ «الرَّبيع العَـرَبِيِّ» وانْـتِـفاضاتِه ــ بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنِ التَّـنازُعِ في نِسْبَةِ هَذِهِ الثَّـوْراتِ والانْـتِـفاضاتِ إلى «الرَّبيع» ــ اكْتَسَبَ «السِّجْنُ» مَزيدًا مِنَ المَرْكَزِيَّةِ سَواءٌ لِما كانَ، ويَكونُ، مِنْ غُـلُـوِّ العَـديدِ مِنَ الأَنْظِمَةِ في التَّوَسُّلِ بِهِ بـوَصْفِهِ أداةً مِنْ أدواتِ القَمْعِ والضَّبْطِ الاجْـتِماعِيّ، أو لِما كانَ مِنْ تَحَوُّلِهِ إلى ميزانٍ تُوزَنُ بِهِ قابِـلِـيَّةُ هذا النِّـظام، أو ذاكَ، لإصْلاحِ نَفْـسِهِ أو للانْفِكاكِ عَنْ مُمارَساتِ نِظامٍ سابِق.
رُبَّ قائِلٍ إِنَّ تَحَـوُّلاتِ بُلْدانِ المَشْرِقِ والمَغْرِب، خِلالَ العَـقْدِ الماضي، تَرْجَمَتْ عَنْ نَفْـسِها ازْدِهارًا لـ«السِّجْن» ولـ«المُمارَسات السِّجْـنِـيَّة»، ولَعَلَّ المُلاحَظَةَ أَنْ تَـبْـدوَ، لِلْـوَهْـلَةِ الأولى صَحيحةً، ولَكِنَّ الصَّحيحَ أيْضًا أنَّ قَرينَ هذا الازْدِهارِ هو ازْدِهارُ «الخِطاب السِّجْنيّ» ــ بِمُخْتَلِفِ الأَشْكالِ والتَّعْبيراتِ ــ وازْدِهارُ الاهْتمامِ بـ«المَسائِلِ السِّجْنِـيَّة» ــ تَحْتَ عَناوين شَتَّى لا تَسْتَغْرِقُها المُفْرَداتُ الحُقوقِـيَّةُ ــ ولا سِيَّما مُفْرَداتِ «حُقوق الإنسان».
لَعَلَّ في ما تَـقَـدَّمَ ما يَكْفي مِنْ أسْبابٍ مُوجِبَةٍ لـقِيامِ مُـنْـتَدًى مِنْ قَبيلِ «مُنْتَدى المَشْرِقِ والمَغْرِب للشُّؤونِ السِّجْنِـيَّة» ــ وإذْ نَأْمَلُ أنَّهُ كَذَلِكَ، لا بَأْسَ مِنَ الإضافَةِ، ولَوْ بَدَتِ الإضافَةُ نافِلَةً، أنَّ هذا المُنْتَدى الذي يَقِفُ جُهْدُهُ على «المَسْأَلَةِ السِّجْنِيَّة» في تَشَعُّباتِها الكَثيرة لا يَرى غَضاضَةً في أَنْ يَعُدَّ نَفْسَهُ واحِدًا مِنْ تِلْكَ التَّعْبيراتِ التي ازْدَهَـرَها «الخِطابُ السِّجْني».
لَمْ يَكُنْ بالأَمْرِ السَّهْلِ أنْ نَخْتارَ اسْمًا لـهَذِهِ المُبادَرَة! وإذْ قَـرَّ الرَّأْيُ في النِّهايَة، على لَفْظَةِ «مُنتدى» دونَ سِواها فإنَّما كانَ ذَلِكَ على أمَلِ أنْ تُؤَدِّيَ جُمْلَةَ ما تُريدُ هَذِهِ المُبادَرَةُ أنْ تَكونَه: مِساحَةَ حِوارٍ، مادِّيَّةً وافْتِراضِيَّة، في «المَسائِلِ السِّجْنِيَّة» في المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، ومُلْـتَـقًى للتَّجارب والاخْتِصاصاتِ، وللأنْواعِ البَحْثِـيَّة ــ سواءٌ أكانَتْ أكاديميَّةً أمْ أدَبِيَّةً فَـنِّـيَّة.
كَذَلِكَ الأمْرُ، لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّهْلِ أنْ نَحْصُرَ بـكَلِماتٍ مَعْدودَةٍ ما يُعْنَى بِه المُنْتَدى؛ فـخَطَرَ لَنا، في ما خَطَر، أنْ نَلْزَمَ جانِبَ الاحْتِياطِ وأنْ نَعْزوَ «السِّجْنَ» الذي يَشْغَلُنا إلى «السِّياسَة»، ولكِنْ سُرعانَ ما تَراجَعْنا عَنِ الفِكْرَةِ بـلِحاظِ أنَّ تَجْريمَ السِّياسَةِ والعَمَلِ السِّياسِيِّ هو مِنْ بَديهِيَّاتِ التَّسَلُّطِ، وأنَّ ابْتِداعَ التُّـهَـمِ الجِنائِـيَّةِ لـعُمَّالِ الشَّأنِ العامِّ مِنْ ناشِطينَ سِياسِيِّينَ وسِواهُم هوَ ألِفُ باءِ القَمْعِ العَدْلِـيّ. مِنْ ثَـمَّ آثَـرْنا الإغْماضَ حَمَّال الوجوهِ، واعْتَـمَدْنا عِبارَةَ «الشُّؤونِ السِّجْنِـيَّة» للدَّلالَةِ على ما يُعْنَى بِهِ المُنْـتَدى. بِناءً عَلَيْه، يُمْكِنُ القَوْلُ إنَّ هَـمَّ المُنْـتَدى هوَ العِنايَةُ بـ«الشُّؤونِ السِّجْنِـيَّة» مَعَ افْتِراضِ أوْسَعِ المَعاني، وأبْسَطِها، لِلَفْظَةِ «سجن» بـحَيْثُ يُسْتَفادُ مِنْها السِّجْنُ بـحَدِّ ذاتِهِ كـمِرْفَقٍ عِقابِيّ، كَما يُسْتَفادُ مِنْها التَّوْقيفُ، بالقانونِ أوْ خارِجَهُ، كَما يُسْتَفادُ مِنْها «التَّجْرِبَةُ السِّجْنِيَّة» في أبْعادِها الشَّخْصِيَّةِ وفي أبْعادِها العامَّةِ بـوَصْفِها رُكْنٌ مِنْ أرْكانِ تَجْرِبَةٍ مُجْتَمَعِيَّةٍ وهَكَذا دَوالَيك...
على الرَّغْمِ مِنْ أنَّ أُمم للتَّوْثيقِ والأبْحاث لَمْ تَـدَّعِ يَوْمًا بِأَنَّ المَسْأَلَةَ السِّجْنِيَّةَ مِحْوَرُ اهْتِمامِها فـلَقَدْ أَوْلَت، مِنْ أَوَّلِ أمْرِها، عَدَدًا مِنَ المَسائِلِ ذاتِ الصِّلَةِ بالسِّجْنِ والاعْتِقالِ والإخْفاءِ القَسْرِيِّ، الكَثيرَ مِنَ الاهْتِمام. ومِمَّا رَثَتْ لَهُ أُمَمُ، مِنْ وَحْيِ تَجْرِبَتِها بصِفَتِها «جَمْعِيَّةً غَيْرَ حكومِيَّةٍ»، وَفقَ تَعريفِها الرَّسْمِيِّ، وكَعامِلٍ مِنْ عُمَّالِ «الثَّقافَة» بالمُمارَسَةِ اليَوْمِيَّة ــ مِمَّا رَثَتْ لَهُ في مُناسَباتٍ عَديدَةٍ ما لاحَظَـتْهُ مِنْ تَـقَـطُّعٍ في سِياقِ المَجْهوداتِ التي تَسْعى إلى الإضاءَةِ على تِلْكَ المَسائِلِ السِّجْنِيَّة، ومِنْ تَحَوُّلِ تِلْكَ المَجْهوداتِ إلى اخْتِصاصاتٍ تَنْغَلِقُ كُلُّ واحِدَةٍ مِنْها على نَفْسِها وناسِها فَلا يَتَّصِلُ ما بَيْنَ صاحِبِ التَّجْرِبَةِ السِّجْنِيَّةِ والحُقوقِيِّ والفَنِّيِّ والأكاديمِيِّ إلَّا بالمُناسَبات... وحَتى... كَذَلِكَ بَدا لَنا، ولجُمْلَةٍ مِنَ الأصْدِقاء، أنَّ الدَّعْوَةَ إلى إنْشاءِ مِنَصَّةٍ يَتَواصَلُ مِنْ خِلالِها كُلُّ هَؤلاءِ، ويَتَواصَلُ مِنْ خِلالِها «المَشْرِقُ» و«المَغْرِب» في هُمومِهِما السِّجْنِيَّةِ ضَرْبَة لازِبٍ بَلْ أكْثَر... هذا ما كانَ، فَكانَ «المُنْتدى».
حَسْبُكَ/حَسْبُكِ أنْ تَكونَ/تَكوني لـسَبَبٍ ما، شَخْصِيٍّ أو عامٍّ، مِنَ المُهْتَـمِّينَ بِالمَسْأَلَةِ السِّجْنِيَّةِ تَحْتَ أَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجوهِها وتَحْتَ أَيِّ عُنْوانٍ مِنْ عَناوينِها لـيَرْحُبَ «المُنْتَدى» بـمُساهَمَتِكَ/مَساهَمَتِكِ سَواءٌ أكانَتْ هَذِهِ المُساهَمَةُ شَهادَةً شَخْصِيَّةً، أوْ مَشْروعًا بَحْثِـيًّا، أو جُهْدًا تَطَوُّعِيًّا، أو غَيْرَ ذَلِك.
تَبْنِي أُمَم، في عِدادِ ما تَبْنِي عَلَيْه، في مُقارَبَـتِها لـ«المَسْأَلَةِ السِّجْنِيَّة» على مُقَدِّمَةٍ مَفادُها أَنَّ السِّجْنَ في المَشْرِقِ والمَغْرِب، ولا سِيَّما السِّجْنِ السِّياسِيِّ، لَيْسَ مَرْفِـقًا مِنْ مَرافِقِ أَنْظِمَةِ القَمْعِ ومَنْظوماتِها الدَّوْلَـتِـيَّة وغَيْرِ الدَوْلَـتِـيَّةِ فَحَسْب، وإنَّما هُوَ أيْضًا جُزْءٌ مِنْ مَنْظومَةِ «التَّسْليمِ»، بَلِ «التَّسامُحِ»، المُجْتَمَعِيِّ بِما تَقومُ بِهِ هَذِهِ الأَنْظِمَةُ والمَنْظومات. ولَعَلَّ في هَذِهِ المُقَدِّمَةِ ما يُفَسِّرُ أنَّ العَديدَ مِنَ المُبادَراتِ ذاتِ الصِّلَةِ بالمَسْأَلَةِ السِّجْنِيَّة، بِما فيها الأشْجَعُ مِنْ بَيْنِها والأَحَقُّ بالثَّناءِ عَلَيْها، هي رُدودُ أَفْعالٍ على ارْتِكاباتٍ سِجْنِيَّةٍ لا يَدَعُ لَها إثْخانُ الأَنْظِمَةِ والمَنْظوماتِ في مُمارَساتِها السِّجْنِـيَّةِ أنْ تَبْلَعَ ريقَها وأنْ تَضَعَ السِّجْنَ، ثَقافَةً ومُمارَساتٍ، على طاوِلَةِ التَّشْريح...
على جَسامَةِ المُهِمَّةِ، يُريدُ المُنْتَدى لـنَفْسِهِ أنْ يَكونَ مِنَ السِّجْن، مَشْرِقًا ومَغْرِبًا، ثَقافَةً ومُمارَساتٍ، طاوِلَةَ التَّشْريحِ هَذِهِ وأنْ يُحاوِلَ أنْ يُقَدِّمَ للمُتَحَلِّقينَ حَوْلَ هذِهِ الطاوِلَةِ ما يَحْتاجونَ إلَيْهِ مِنْ أدواتٍ ومِنْ فُرْصَةٍ لـتَبادُلِ المَعارِفِ والخِبْرات!
بالإحالَةِ إلى فَهْمِ المُنْتَدى لـ«المَسائِلِ السِّجْنِيَّة» باعْتِبارها على تَقاطُعِ السِّياسَةِ والقانونِ والأَمْنِ والثَّقافَةِ المُجْتَمَعِيَّةِ فإنَّ «المُنْتَدى» لا يَسْتَـبْعِدُ ابْتداءً التَّواصُلَ مَعَ كُلِّ المَعْنِـيِّـينَ بـهَذِهِ المَسائِلِ، بِما في ذَلِكَ المُؤَسَّساتِ الرَّسْمِيَّة، شَريطَةَ ألَّا يَعْني ذَلِكَ، مِنْ طَرَفِهِ، التَّنازُلَ عَنْ أَيٍّ مِنَ المُقَدِّمات التي يَبْنِي عَلَيْها، وفي الطَّليعَةِ مِنْها أنَّ احْتِرامَ الكَرامَةِ البَشَرِيَّةِ فَوْقَ أَيِّ اعْتِبارٍ وأنَّ السَّعْيَ إلى تَطْويرِ آلِيَّاتِ احْتِرامِها، هُوَ القِبْلَةُ والمَقْصِد.
كانَ إطْلاقُ «مُنْـتَدى المَشْرِقِ والمَغْرِبِ للشُّؤونِ السِّجْنِيَّة» في تِشرينَ الثَّاني ٢٠١٨، خلالَ لِقاءٍ اسْتَضافَتْهُ العاصِمَةُ الألمانِيَّة برلين جَمَعَ عَدَدًا مِنَ المُهْتَمِّين بـ«المَسْأَلَةِ السِّجْنِيَّة في المَشْرِقِ والمَغْرِب». مِنْ إذْذاكَ تابَعَ هَؤلاءِ التَّواصُلَ، كَما تابَعوا السَّعْيَ إلى تَوسيعِ دائِـرَةِ المُشارَكَةِ في المُنْتَدى فِكْرَةً ومَشاريع.
على مُسْتَوى الإدارَةِ اليَوْمِيَّة، وحَتى إشْعارٍ آخَرَ نَـتَـمَنَّاهُ قَريبًا، يَتَوَلّى تَسْيِـيرَ أعْمالِ المُنْتَدى كُلٌّ مِنْ مونيكا بورغمان ومينا إبراهيم ولقمان سليم، مُسْتَفيدينَ مِنْ نَصائِحَ وأفَكارِ «المَجْلِسِ الاسْتِشارِيِّ» المُفَصَّلِ عَديدُه أدْناه.
على أواخِرِ عام ٢٠١٧ تَلَقَّتْ «أُمْم للتَّوْثيقِ والأبْحاث» دَعْمًا مادِّيًّا أوَّلِـيًّا مِنَ «الصُّنْدوق العرَبيِّ للثَّقافَةِ والفُنونِ (آفاق)» أتاحَ لَها المُباشَرَةَ بإطْلاقِ «المُنْتَدى»، وعلى أواخِرِ أيْلول ٢٠١٨ أجاب «مَعْهَدُ العَلاقاتِ الخارِجِيَّةِ (إيفا)» التابِعُ لـوزارَةِ الخارِجِيَّةِ الألمانِـيَّةِ نِداءَ المُنْـتَدى فـوَفَّرَ لَهُ ما يَحْتاجُ إلَيْهِ لِكَيْ يُباشِرَ نَشاطاتِه.